أولا : في نسب اليعاربة : يذكر العلامه ( عبدالله بن حميد السالمي ) المتوفى سنة 1332 هجري في الجزء الثاني من كتابه تحفة الأعيان ص / 3 أن اليعاربة أئمة عمان السابقين ينتسبون إلى نصر ابن زهران . وقد ذكرهم بن حزم الأندلسي في كتابه ( جمهرة أنساب العرب ) ص / 383 بأنهم من بنو نصر بن الأزد . فهم بنو نصر ابن زهران بن كعب بن عبدالله بن مالك ابن نصر ابن الأزد . فاليعاربة يلتقون من ناحية النسب مع قبيلة المقابيل المشهورة في عمان فهم من بني الحدان ابن شمس بن عمرو ابن غالب بن عثمان بن نصر ابن زهران . وكذلك يلتقون مع قبيلة ( اليحمد ) وهم بنو اليحمد ابن حمى بن عثمان بن نصر ابن زهران . وكذلك يلتقون بالنسب مع بنو معولة بن شمس أخو الحدان ابن شمس ومن بنو معولة ابن شمس ملكي عمان جيفر وعباد ابنا الجلندى بن كركر بن المستكبر بن مسعود بن الجراز بن عبد العزى بن معولة بن شمس ( الجمهرة ) ص 384 .
والجدير بالذكر أن بنو نصر ابن الأزد قد خرج منهم الصحابي الجليل عمرو ابن حممة بن الحارث والصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه فهما من بني عبدالله ابن زهران أخي نصر ابن زهران .
الوضع السائد في عمان قبل حكم اليعاربة :
كانت عمان قبل حكم اليعاربة تشغلها حروب وفتن وقلاقل والحكم أنذاك كان في يد بنو نبهان وهم يرجعون بنسبهم إلى العتيك بن الأزد ويقال ( الأسد ) ابن عمران ابن عمرو مزيقياء وقد أشتهر حكمهم بالبطش والظلم . أضف إلى ذلك أحتلال النصارى ( البرتغاليين ) لبعض مناطق ساحلية . وما حصل ذلك إلا بأنشغال العرب بنفسهم وعدم توحدهم وقد ذكر ( السالمي ) في كتابه تحفة الأعيان حادثة تدل على ضعف العرب في عمان أيام حكم بنو نبهان فيقول في الجزء / 1 ص / 398 : ( ثم بعد ذلك بيوم أو يومين هبطت النصارى ( البرتغاليين ) من المراكب بما عندهم من آلة الحرب وكانوا يجرون قطع القطن قدامهم ليتقوا بها ضرب البنادق وكان عندهم مدافع تسير على أعجال خشب في البر وعليها سور من الخشب وكان في جانب الدار برج لمحمد ابن مهنا فيه عسكر كثير فجرت عليه النصارى قطع القطن وضربوه بمدفع حتى أنهدم البعض منه وخرج القوم منه فدخلته النصارى فعلم محمد بن مهنا بذلك فندب قومه فوقع بينهم القتال على البرج بالليل فقتل عند ذلك علي ابن ذهل وقتل محمد بن مهنا الهديفي وأقام سلطان ابن حمي بن محمد بن حافظ النبهاني وأخوه كهلان ابن حمير وابن عمه مهنا ابن محمد بن حافظ وعسكرهم في الحصن بعدما قتل محمد بن مهنا الهديفي . فلما علم الأمير عمير بن حمير أن سيد القوم قتل ندب قومه بالقتال فكان القتال بينهم في النخل ( أي بين بساتين النخل ) ثم طلع عمير ابن حمير بمن معه من تلقاء جامع البلد فلم يمنعه أحد فقتل عند ذلك سلطان ابن حمير فانكسر القوم وصاروا أشتاتا متفرقين فمنهم من قتل ومنهم من أحرق ومنهم من أسر ومنهم من جرح ومنهم خرج ذاهبا على وجهه لا يدري أين يتوجه ولا أين يذهب وعلى هذا جميع أهل البلد وأحرقت البلد بأجمعها من أوله إلى أخرها وأقام النصارى في حصن صحار . أنتهى
فما أشبه اليوم بالبارحة 000 فسبحان الله عندما تتفرق كلمة العرب والمسلمين يسلط الله عليهم من لا يخافه ولا يرحمهم وإن هم رجعوا إلى دينهم وأتحدت كلمتهم هابهم عدوهم . وهذا ما جرى عندما حكم اليعاربة عمان .
وأحب أن أقول للأخوة أن عمان في زمن اليعاربة كانت تشمل سلطنة عمان الحالية والإمارات العربية المتحدة وذلك أن القبائل التي في عمان توجد لها أمتدادات في الإمارات العربية المتحدة .
الأمام ناصر ابن مرشد اليعربي :
وهو أول أئمة اليعاربة وجده سلطان الرستاق مالك ابن أبي العرب اليعربي . وسبب تعيينه إماما هو ماوقع لعمان من تسلط أمراء السوء والظلم تكاثر الفتن وأستيلاء النصارى على بعض الأماكن . فلما مات مالك ابن أبي العرب اليعربي بقيت الرستاق بيد أبناء بنيه وهم أبناء عمومة الأمام ناصر ابن مرشد اليعربي فتراسل العلماء وشيوخ القبائل فيما بينهم وتشاوروا أن ينصبوا إماما يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر فوقعت خيرتهم على ناصر ابن مرشد فعقدوا عليه الإمامة عام 1024 هجري .
وبعد ذلك قام الأمام ناصر ابن مرشد بعملية إصلاح وتطهير من العناصر الفاسدة في الدولة فأبتداء من مسقط رأس اليعاربة في منطقة ( نخل ) وأتته رسائل من ( نزوى ) و ( سمائل ) و ( وادي بنو رواحة ) و ( أزكي ) و ( منح ) و ( سمد الشأن ) و ( إبرا ) و ( وسائر المنطقة الشرقية ) ما خلا ( قريات ) و( صور ) فإنهما كانتا في يد النصارى .
وكذلك دانت له مناطق الظاهرة والجو ( وهي البريمي والعين حاليا ) .
معركة ( طوي الرولة ) بين المسلمين والنصارى .
وهي أول معارك هذا الأمام الهمام مع الكفار وذلك أنه جهز جيشا أمر عليه أحد قادته وهو ( مسعود ابن رمضان ) وأمره أن يسير ألى ( مسقط ) وكان فيها يومئذ النصارى فسار مسعود بمن معه حتى نزل ( طوي الرولة ) فخرج إليه النصارى فتعاطوا كؤوس الحمام وعظم بينهم الألتحام فنصر الله المسلمين وهزم المشركين وقتل منهم خلق كثير لا يحصون عددا فتمنعوا بالكيتان ( جمع كوت ) وهي حصون مرتفعة وهدم المسلمون من ( مسقط ) بروجا شامخة وأبنية منيعة ، ثم أن النصارى طلبوا الصلح فصالحهم القائد على فك ما في أيديهم من أموال ( العمور ) وأموال الشيعة من صحار فأذعنوا لذلك واخذ منهم العهود وأعطاهم الأمان ورجع إلى الأمام منصورا .
وقعةالصير ( وهي رأس الخيمة حاليا ) .
وكان فيها العجم وبعض النصارى فجهزالأمام إليهم جيشا وأمر عليه قائدا أسمه ( علي ابن أحمد ) وعضده ببني عمه من آل يعرب فسار بالجيش إلى جلفار ( راس الخيمه ) ومالكها يوم ئذ ( ناصر الدين العجمي ) فأحاط بهم جيش الأمام وكان بحصن الصير برج معتزل له جدار متصل بالحصن وفيه قوم تقاتل بالليل والنهار وكانت النصارى في البحر تدفع بمدافعها المسلمين عن الحصن فعزم المسلمون على الهجوم على البرج فهجموا عليه ليلا وأخذوه قهرا ومالوا على الحصن فافتتحوه وجعل فيه قائد الجيش واليا وكان فيها حصن على الساحل للأفرنج فسار إليه بعض الجيش وفيهم رجال من ( الدهامشه ) و ( خميس بن محزم ) فدخلوا الموضع نهارا وأحتووا على ما فيه فامتنع النصارى بالحصن فحاصرهم المسلمون وبنوا حولهم حصنا فذل المشركون وطلبوا الصلح على أن يهبطوا من الحصن فصالحهم القائد فهبطوا وجعل القائد فيه واليا ورجع منصورا إلى نزوى حيث عاصمة الأمامة اليعربية .
وقعة صحار :
ثم ان الأمام ناصر بن مرشد أمر ( حافظ بن سيف ) واليه على ( لوى ) وكان معه رجال ( العمور ) أن يسير إلى صحار ويبني بها حصنا وكان بها يومئذ النصارى فأرسل الوالي من بقربه من القرى من ( بني خالد ) و( بني لام ) و ( العمور ) وأجتمع معه عسكر كثير وكان رجال من صحار يدعونه إلى ملكها فمضى إليها بجيشه وبات بقرية ( عمق ) وعميت الأخبار عن أهل صحار حتى صبحها ضحوة النهار في آخر يوم من محرم الحرام عام 1043 فنزل بموضع يقال له ( البدعه ) فزحف المسلمون على المشركين حتى وصلوا إلى حصن ( ابن الأحمر ) وأشتد بينهم الطعن والضرب وكانت النصارى تدفع بمدافعها من الحصن ( أي ترمي ) وكان الظفر فيها للمسلمين ثم أنتقل الوالي من ( البدعة ) إلى مكان قريب من العدو فجأت ضربة مدفع فأخترقت القوم حتى وصلت مجلس الوالي فأصابت ( راشد ابن عباد ) فمات شهيدا رحمه الله ولم تزل الحرب قائمة بالليل والنهار حتى خذل الله المشركين ونزلوا على الصلح .
وقعة ( صور ) و( قريات )
وكان بهما النصارى فنصر الله المسلمين وهزم الكفار وبذلك أحتوى الأمام ( ناصر ابن مرشد ) على جميع عمان إلا ( مسقط ) و( صحار ) فإنهما كانتا على الصلح معه وبقي النصارى فيهما .
وتوفي الإمام ( ناصر بن مرشد اليعربي ) يوم الجمعه العاشر من ربيع الآخر سنىة 1050 هجري وكانت مدة حكمه ستة وعشرين سنة ودفن بنزوى وكان عمره يومئذ ستة وأربعين سنه ولم يعقب إلا أبنة واحدة .
الإمام سلطان ابن سيف بن مالك بن ابي العرب اليعربي .
وهو ابن عم الإمام ( ناصر ابن مرشد ) . وأول عمل قام به هو فتح مسقط وإنهاء وجود النصارى فيها وبذلك خلصت عمان بأكملها من الوجود البرتغالي .
الإمام سيف بن سلطان بن سيف اليعربي الملقب ( بقيد الأرض )
وفي عهده حارب النصارى خارج عمان وفي جميع الأقطار وعمل لهم مراكب عظيمة البنيان وعظم جيشه وقوي سلطانه ولذلك لقب ( بقيد الأرض ) لأنه ضبط المملكة حتى أنه قد أجتمع له في الجيش الذي دخل به الهند ستة وتسعون ألف عنان هذه الفرسان فما ظنك بغيرهم ؟ وقد قال الشاعر ( راشد بن خميس الحبسي ) يصف جيش الأمام قيد الأرض :
أن تسألني عن الخيل التي ملكت
يداه سلني فإني عارف فهم
تسعون ألف حصان من كرائمها
غير الرماك فما في قولنا وهم
فالكمت منهن والشقر الكرام
ومنها الشهب والبلق والغربيبة الدهم
كريمة عودت أمر الحروب فما
يغبى عليهن إلا النطق والكلم
وكذلك قام هذا الأمام الفاتح بفتح ممباسا والجزيرة الخضراء وكلوة و بت وغيرهن من البلاد في شرق أفريقية وطرد البرتغاليين منها وكذلك قام بفتح بلاد جوا والديو في الهند وطرد البرتغاليين منها وقيل أن أباه سلطان ابن سيف هو الذي فتحها
وتوفي هذا الأمام الفاتح في شهر رمضان سنة 1123 هجري
موضوع: موسسين الدوله اليعاربه 
