قيام دولة البوسعيد :
بعد الانتصارات المجيدة التي حققها أحمد بن سعيد على الفرس في صحار ، أمر بعقد اجتماع في الرستاق ، ضم شيوخ القبائل وعلماء البلاد وأعيانها ، وطلب من الجميع توحيد الصفوف لمواجهة الخطر الفارسي ، وشعر الجميع بحجم الخطر الذي يتهددهم ، وأنه لابد من اختيار إمام قوي ، يتحمل مسؤوليات الحكم في البلاد ، فأجمع الحاضرون على مبايعة أحمد بن سعيد إماماً عليهم ، وبذلك قامت دولة البوسعيد التي يعد الإمام أحمد مؤسساً لها .
اشتهر الإمام أحمد بن سعيد بإدارته الحازمة ، فقام بعد مبايعته بجهود كبيرة من أجل القضاء على الفتن الداخلية ، واستتباب الأمن وتوحيد البلاد . ومن أبرز أعماله لتحقيق ذلك :
- أوجد رجال الشرطة ، فكفل بذلك الأمن والاستقرار لرعاياه .
- أنشأ جيشا ثابتا مدربا ، وأسطولا بحريا قويا .
- وضع نظاما للجمارك ، وفرض رسوما جمركية على السلع المستوردة ، وأعفى السلع العمانية منها .
- شجع التجارة مع الهند وشرقي أفريقيا .
- أرسى القواعد الإدارية والقضائية في البلاد .
- اهتم بالنواحي العمرانية فشيد الحصون والمساجد والقصور .
نشاط الأسطول العماني في عهد الإمام أحمد بن سعيد :
تمكن الإمام أحمد بفضل قوته البحرية من فرض نفوذ عمان في الخليج العربي والمحيط الهندي ، فقد نقل الحرب ضد الفرس إلى الأرض الفارسية ، وعندما حاصر الفرس مدينة البصرة ، كتب أهلها إلى الإمام أحمد يطلبون منه العون ، فأرسل حملة بحرية بقيادة ابنه الأكبر هلال عام 1772م ، نجحت في إخراج الفرس منها .
وقد سرّ السلطان العثماني ، الذي كانت البصرة تابعة له ، من صنيع الإمام أحمد ، وأمر واليه على البصرة بأن يدفع الخراج للإمام ، وظلت البصرة تدفع هذا الخراج حتى عهد السيد سعيد بن سلطان بن الإمام أحمد (1804 – 1856م).
وقد كانت البصرة في تلك الفترة مركزا تجاريا مهما ، فإليها كانت تصل البضائع الهندية ، ومنها قتل إلى فارس ، والجزيرة العربية والدولة العثمانية ، واوروبا .
كما كانت مركزا لجمع السلع وإعادة تصديرها إلى الهند ، وكانت هناك علاقات تجارية نشطة مع الموانئ العمانية ،وهذا جعل الفرس يعتقدون بأن السيطرة على البصرة ، تساعدهم في السيطرة على الموانئ والتجارة العمانية .
كذلك كان "شاه علم" إمبراطور المغول ممتناً لمعونة أسطول الإمام أحمد بن سعيد له ضد القراصنة قرب ساحل الهند الغربي ، فأرسل مبعوثا إلى عمان لعقد معاهدة يوافق بموجبها على بذل العون للإمام أحمد بالمال والرجال ضد أعدائه ، وأنشأ بعثة تقيم في مسقط ، في مبنى أصبح يعرف باسم "بيت النواب"
عهد الإمام سعيد بن أحمد بن سعيد (1778 – 1785م):
بعد وفاة الإمام أحمد بن سعيد ، بويع ابنه سعيد بالإمامة . ونظرا لأن الإمام سعيد كان زاهدا في الحكم والإدارة ، فقد تولى ابنه" حمد " تصريف أمور الدولة ، واتخذ من مدينة مسقط مقرا للحكم نظرا لأهمية موقعها ، بينما بقي والده الإمام سعيد في الرستاق ، ومع مضي الزمن تزايدت قوة حمد ، حتى أصبحت السلطة الفعلية في يده .
اهتم حمد بن سعيد ببناء الأبراج والقلاع من أجل تأمين سلامة البلاد ، وفي عام 1785م أرسل جيشا كبيرا إلى شرقي أفريقيا ، ونجح في القضاء على الحركات المناوئة في تلك المنطقة ، فأعلنت "ممباسا" تبعيتها له ، ثم تلتها المقاطعات الأخرى .
كان حمد دارسا للقرآن ، ملازما للصلاة في الجماعة ، وقد ذاع صيته ، وزدادت هيبته ، ثم مرض وتوفي في مسقط ، ودفن فيها ، عام 1792م.
عهد السيد سلطان بن أحمد بن سعيد (1792 – 1804م):
تولى السيد سلطان السلطة في مسقط بعد وفاة ابن أخيه حمد بن سعيد عام 1792م ، بينما كان أخوه الإمام سعيد بن أحمد لا يزال قائما بالإمامة في الرستاق ، ولكن السلطة الفعلية استمرت بيد السيد سلطان بن أحمد ، حيث انتقل الحكم الفعلي من الرستاق إلى مسقط .
واجه السيد سلطان بعض المشاكل الداخلية والحروب القبلية ، ولكنه تغلب عليها بسياستة وقوة جيشه ، وبعد أن استتب الأمن في البلاد ، وجه اهتمامه إلى الخارج لاسترداد المناطق التي فقدتها الدولة العمانية ، وفتح بلاد جديدة ، ولحماية حدود عمان من الغزو الخارجي .
أبرز الأحداث في عهد السيد سلطان بن أحمد :
1- النفوذ العماني في منطقة الخليج العربي :
رأى السيد سلطان أنه صاحب الحق في تأمين الملاحة في منطقة الخليج العربي ، والمحافظة على الأمن فيها ، وذلك لتأمين بلاده من الغزو ، واستطاع عام 1798م أن يسيطر على المنطقة بأسرها ، فقد أخضع جزيرتي "قشم ووهرمز". وأصدرت الحكومة الفارسية مرسوما أجازت له ضم "بندر عباس" و"جوادر"و"شهبار" وتمكن عام1800م من شن حملات تأديبية ضد من يقومون بالقرصنة البحرية في منطقة الخليج العربي .
2- مساندة البحرين :
كانت البحرين خاضعة للفرس حتى عام 1783م ، حين تمكن رجال قبيلة العتوب من طردهم ، غير أن الفرس عادوا من جديد ، وتمكنوا من السيطرة عليها ، عندها استنجد أهل البحرين بالسيد سلطان ، فأنجدهم بحملة بحرية ، بقيادة ولده"سالم" الذي تمكن من إنهاء الغزو الفارسي ، وتوقيع اتفاقية بين الطرفين ، تمتعت البحرين بموجبها بالحماية العمانية ، إذا ما تعرضت لأي غزو خارجي .
3- العلاقات الدولية :
كانت لفرنسا وهولندا وبريطانيا مصالح تجارية في بحار الشرق لا سيما بحر العرب والخليج العربي . وكانت كل من هذه الدول تتودد إلى حكومة مسقط ، أملا في الوصول إلى اتفاق معها لحماية سفنها ، واتخاذ مسقط مركزا للحفاظ على المصالح الجارية لتلك الدول .
وبعد دراسة الموقف الدولي ، وحرصا على مصالح عمان التجارية ، وعلاقاتها الدولية ، اتخذ السيد سلطان موقفا حياديا ، ولم يتدخل في الصراعات الدولية في المنطقة ، لا سيما بين فرنسا وبريطانيا . حيث احتفظ بعلاقات طيبة مع الدولتين ، وبذلك بقيت عمان بعيدة عن المخاطر التي كانت تهدد العالم في ذلك .
سجل تاريخي لحكام دولة البوسعيد في الفترة بين 1744 – 1804 م :
الإمام أحمد بن سعيد :أسس الدولة عام 1744م،اتخذ من الرستاق عاصمة له اهتم بالعمران ، وأرسى قواعد الدولة ومؤسساتها العسكرية والإدارية والقضائية . عمل على حماية الموانئ العمانية من الخطر الفارسي ، وفرض نفوذ عمان في الخليج العربي والمحيط الهندي .
الإمام سعيد بن أحمد :بويع بالإمامة بعد وفاة والده الإمام أحمد بن سعيد في الرستاق عام1778م ، كان زاهدا في الحكم ، فتولى ولده حمد تصريف أمور البلاد ، الذي اتخذ من مسقط مقر اله ، واهتم ببناء الأبراج والقلاع من أجل تأمين سلامة البلاد .
السيد سلطان بن أحمد :تولى السلطة في مسقط ، بعد وفاة ابن أخيه حمد عام 1792م، بينما كان أخوه الإمام سعيد لايزال قائما بالإمامة في الرستاق . فرض سيادة الدولة في الداخل والخارج ، وعمل على استتباب الأمن في البلاد ، وعزز النفوذ العماني في منطقة الخليج العربي .